يسألني مؤخراً بعض الأصدقاء عن أحوال اليونان جراء ما يبلغهم من وسائل الإعلام. وجوابي لهم أن في اليونان ما في غيرها من البلدان. لكن اليونان تنفرد عن غيرها بأمور كثيرة لمجرد أن اليونان هي اليونان! سأوضح.
شاع في السنتين الماضيتين الكلام على أزمة اقتصادية في البلد، وكأن الدنيا كلها بخير وليس إلا في اليونان مشكلة شغلت بال حسني النية من شرق الدنيا إلى غاربها.
بَيدَ أنّ الضجّة المثارة حول اليونان ناتجة إلى حدّ كبير من مساحة حرّيّة التعبير في هذا البلد ونشاط الحركة النقابيّة فيه إضافة إلى حيويّة العمل السياسيّ عموماً والحزبيّ خصوصاً- وغير ذلك الكثير. وهي أمور لا بدّ أن تستقطب الاهتمام الإعلاميّ العالميّ.
أوّل الجواب أنّ الأزمة لم تنتج في اليونان ولم تقتصر عليها وحدها. لا بل إنّ بلداناً أخرى مصائبها الاقتصاديّة أعظم وأكثر ضرراً على الاستقرار الاقتصاديّ في أوروبا أو في سواها. لكنّ هذا ليس شأني هنا.
هذا الوضع أدّى بكثيرين- من المقيمين هنا أو في الخارج- لا يعرفون طبائع الشعب اليونانيّ وخصائصه وكيف يتعاطى السياسة إلى إساءة فهم الأمور وتضخيم الأزمة عبر عزلها عن الإطار العامّ وهو يشمل سبل المعالجة الحكوميّة والشعبيّة والكنسيّة والاجتماعيّة عموماً. وكلّ باب من هذه يحتاج لدراسة مفصَّلة.
لم أنكر إلى الآن وجود الأزمة لكنّي أكرّر أنّه لا يمكن تسليط الضوء عليها وحدها. فالأزمة قيد المعالجة وكلّ فرد في اليونان يحاول أن يتحمّل المسؤوليّة. من هنا الأزمة الاقتصاديّة لا تُحتَسَبُ بالأرقام وحدها. لقد كتب نسيم طالب كتابه "البجعة السوداء" الذي يضحض فيه قدرة علماء الاقتصاد على توقّع الوضع الاقتصاديّ بناء على معطياتهم الرقميّة بمعزل عن الكمّ الهائل من العوامل المؤثّرة في الحركة الاقتصاديّة. يبدو أنّه صوت صارخ في البرّيّة..
التاريخ اليونانيّ المعاصر مليء (وحتّى القديم)، إضافةً إلى الأدب اليونانيّ من هوميروس إلى يومنا، مليء بأفراد أبطال يتربّى على بطولتهم المواطن اليونانيّ المعاصر ويتمثّلهم في وقت الضيقات. أبيات هوميروس فيها أبطال محاربون لا أقوام. وروايات الثورة على الأتراك لا تحكي ثورة الشعب بل تروي قصص الأبطال الذين قادوا الحركات الثوريّة يرّاً وبحراً. فهنا لسنا أمام قوم بل أفراد قادة. وحتّى أيام قمع الحركة الشيوعيّة من قبل الألمان والبريطانيين وما نتج عنها من حرب أهليّة بقيت تسيطر عليها الشخصيّة القائدة. لم يغب الفرد القائد من النضال السياسيّ في اليونان تاركاً محلّه لكلّ الشعب إلا مؤخَّراً منذ النضال ضدّ الديكتاتوريّة العسكريّة عام 1973. وما دمتُ ذكرتُ الديكتاتوريّة كيف ننسى أنّ الديكتاتوريّة في اليونان استمرّت ثماني سنوات لا أكثر في حين أنّها في بلادنا العربيّة تدوم لعقود أو هي من الأساس ملكيّات.هل يمكن تقدير الوضع في اليونان بمعزل عن طبائع المواطن اليونانيّ وفرادته في العمل السياسيّ؟ هذا سؤال لا أستطيع مجانبته وإلاّ ابتعدت عن الحقيقة. سأجيب باختصار.
الغاية ممّا قلتُ أعلاه أن أشير إلى عظمة المواطن اليونانيّ والشعب اليونانيّ في هذه الأيّام التي يكثر فيها الكلام عليه جزافاً. فهو بسبب فرادة تاريخه وأدبه ودور الشخص القائد في هذا الأخير قادر في لحظات الضيق على قلب المقاييس و مناقضة التوقّعات التي لا تأخذ في الحسبان إلا عامل الرقم وتهمل القدرة الإنسانيّة.
اليونان ختاماً دولة لا تقلّ قيمتها الحضاريّة ولا قيمتها في الجغرافيا السياسيّة- وبالتالي في الدبلوماسيّة- بسبب مالٍ قلّ أو كثُر. وهي دولة لا تزال تعطي الكثير في شدّتها. ولا تزال دولة حرّيّات يُحتّذَى مثالُها. لكن لا بُدَّ من التعرّف على الشعب اليونانيّ عن كثب لا عبر العدسات ولا في المكاتب ولا من خلال الصحف الأجنبيّة. عندها قد يقارب الحكم الحقيقة والحقّ.
Το πραπάνω κείμενό μου είναι μια άποψη- κατάθεση προσωπικής μαρτυρίας, πάνω στην κατάκριση της Ελλάδας για την οικονομική της κατάστασης. Θεωρώ ότι η Ελλάδα είτε έχει λεφτά είτε δεν έχει παραμένει μια χώρα στον κόσμο μοναδική. (Προσθέτω εδώ μια ιδέα που δεν έγραψα πάνω, την εξης: Ως χώρα δεν κρίνεται με βάση της ύλης της και μόνο περισσότερο δε πνευματικά οφείλουμε να την δούμε. Ή τουλάχιστον να δούμε την ύλη της ως ενσάρκωση του Πνεύματός της σε έργα όπως η Αφροδίτη της Μήλου, η Ακρόπολη, οι Ολυμπιακοί Αγώνες και τόσα άλλα σπουδαία πράγματα).κ
Η οικονομική κατάσταση μιας χώρας δεν κρίνεται με βάση αντικειμενικών κριτηρίων. Κάθε άλλο. Γιατί η οικονομία εξαρτάται από τον άνθρωπο πάνω απ' όλα, ο οποίος την διαμορφώνει ανάλογα με τον ρόλο του μέσα της (εργολάβος, εργάτης, καταναλωτής, κλπ..). Και ο Έλληνας δεν είναι τυχαίος άνθρωπος και αυτό το αποδεικνύει στις δύσκολες στιγμές. Η ελληνική γραμματεία ξεχυλίζει από τον ηρωισμό του ατόμου, και ο Έλληνας έχει μάθει να σκέφτεται σαν άτομο μέσα σε κοινωνία και όχι απλά ως μια μονάδα ενός συνόλου, μιας φυλής...ς
1 comment:
ΚΑΛΑ ΧΡΙΣΤΟΥΓΕΝΝΑ ΚΑΙ ΕΥΤΥΧΙΣΜΕΝΟ ΤΟ ΝΕΟ ΕΤΟΣ
Post a Comment